يجب التمييز بين ستر العورة ولباس الحياة العامة،
فإذا كان هناك لباس يستر العورة فان ذلك لا يعني انه يجوز
للمرأة أن تلبسه وهي سائرة في الطريق العام،
لان للطريق العام لباساً معيناً عينه الشرع، ولا يكفي فيه ما يستر العورة فالبنطال
وان كان ساتراً للعورة ولكنه لا يصح لبسه في الحياة العامة أي لا يصلح أن ُيلبس
في الطريق العام لأن للطريق العام لباساً معيناً أوجبه الشرع.
وأما لباس المرأة في الحياة العامة إي لباسها في الطريق العام وفي الأسواق،
فان الشارع أوجب على المرأة أن يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها حين تخرج للاسواق
أو تسير في الطريق العام، فأوجب عليها ان تكون لهاعباءة أو ملاءة أو ملحفة تلبسها
فوق ثيابها وترخيها الى اسفل حتى تغطي قدميها دليل ذلك قوله تعالى
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا ﴾
أي يرخين عليهن أثوابهن التي يلبسنها فوق الثياب للخروج
من ملاءة وملحفة يرخينها الى اسفل.
ويشترط في الجلباب أن يكون مرخياً الى أسفل حتى يغطي القدمين، لان الله يقــول في الآية
﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾> أي يرخين جلابيبهن لان ﴿من﴾ هنا
للبيان وليست للتبعيض. ولما روى عن ابن عمر انه قال : قال رسول الله (ص)
( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة، فقالت ام سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن،
فقال يرخين شبراً، فقالت : اذن تنكشف اقدامهن، قال : يرخين ذراعا لا يزدن )
فهذا صريح بان الثوب الذي تلبسه فوق الثياب يرخى الى أسفل حتى يستر القدمين
فان كانت القدمان مستورتين بجوارب او حذاء فان ذلك لا يغني عن إرخائه الى أسفل
بشكل يدل على وجود الارخاء، ولا ضرورة لان يغطي القدمين فهما مستورتان،
ولكن لا بد ان يكون هناك ارخاء ان يكون الجلباب نازلاً الى اسفل ظاهر يعرف منه
انه ثوب الحياة العامة الذي يجب ان تلبسه المرأة في الحياة العامة،
ويظهر فيه الارخاء اي يتحقق فيه قوله تعالى﴿يدنين﴾ اي يرخين.
فان لم يكن لها ثوب تستعير من جارتها أو صديقتها أو قريبتها ثوبها، لما روى عن ام عطية انها قالت:
"أمرنا رسول الله (ص) أن نخرج في الفطر والأضحى،العواتق والحيض
وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين .
قلت: يا رسول الله احدانا لا يكون لها جلباب قال: لتلبسها اختها من جلبابها"
وفي حديث ام عطية قرينة على أن الامر للوجوب أي يجب على المرأة ان تلبس جلباباً
فوق ثيابها إذا أرادت الخروج ولإن لم تلبس ذلك لا تخرج، وإذا خرجت من غير ثوب
تلبسه فوق ثيابها أثمت لأنها تركت فرضاً فرضه الله عليها.
هذا من حيث اللباس الأسفل بالنسبة للنساء أما من حيث اللباس الأعلى فيجب أن يكون لها
خمار أو ما يشبهه أوما يقوم مقامه من لباس يغطي جميع الرأس وجميع الرقبة
وفتحة الثوب على الصدر، لقوله تعالى
﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾
أي ليلوين أغطية رؤوسهن على أعناقهن وصدورهن ليخفين ما يظهر
من طوق القميص وطوق الثوب من العنق والصدر.
ومن هذا يتبين انه يجب أن يكون للمرأة ثوب واسع تلبسه فوق ثيابها لتخرج فيه،
فان لم يكن لها ثوب وأرادت ان تخرج فعلى أختها أي أية مسلمة كانت
أن تعيرها من ثيابها التي تلبس فوق الثياب،فان لم تجد من يعيرها فلا تخرج
حتى تجد ثوبا تلبسه فوق ثيابها، فان خرجت في ثيابها دون ان تلبس ثوبا
واسعا مرخيا الى اسفل فانها تأثم وان كانت ساترة جميع العورة،
لان الثوب الواسع المرخي الى اسفل حتى القدمين فرض،
فتكون قد خالفت الفرض فتأثم عند الله وتعاقب من قبل الدولة عقوبة تعزيرية .